بين يديك عزيزي القارئ تسلسل، يبدأ من أين أتيت، وجزء مني أوصلني إلى ذاتي، ومن ثم إلى من عمدت إلى مساعدتهم، انتهاء بملخص ارتأيت أنه قد يساعدك على فهم كل ما كنت أعنيه في رحلتي، كل ما اعتقدت أنه مفيد قد يساعدك كخطوات تتبع بعضها دون أن تعود إلى معالج نفسي أو استشارة تنتشلك مما أنت فيه. قد يكون الحديث مبهما عليك بعض الشيء وأنا أتفهم ذلك جيدا إلا أنني أعلم أيضا أن الحديث الذي تسبقه خبرة خاصة جدا مررت أنت بها ووجدتها هنا في أسطري ستكون أكثر فهما عليك. أما ما لم تفهمه فهو الخبرة التي مررت بها لكنك لم تكن واعيا تماما بها. لذلك أنصحك أن تنتهي من القراءة ثم تعاود القراءة وعندها ستكون شخصا آخر لديه الوعي بما لم يعِ في السابق.
حاولت أن أكون واضحة قدر الإمكان وحاولت ألا أزيد عليك في الفلسفة بعبارات ولغة غير متداولة إلا أن لغة هذا الكتاب ثقيلة أحيانا فهي ما يحدث لنا على مدار الساعة إلا أننا نتهرب من أن نتكلم بها.
أنت تعني لي الكثير لذلك أرجو منك أن تشاركني رأيك، قصتك، ردة فعلك بعد أن تنتهي من هذا المؤلف فلا زال لدك الكثير الذي لم أره بعد في العيادات والمحاضرات والمؤتمرات وحتى في الحفلات العامة. سأظل مخلصة دائما في محاولة فهمك ومن ثم الوصول اليك. أشكرك على أي حال.
“إن الألم هو ما يربينا ويعلمنا ويحيي المقاومة التي تنقذنا.. فالفراشة التي تتألم وهي تصـارع لـلـخـروج مـن يـرقـتـها لـن تـطـير إلا إذا خـرجـت بـنـفـسـها وعـاشـت تـجربة الألـم كاملة، أي تـدخـل مـنـا لـحـمـايـتـهـا مـن الـصـعـوبـات وأي دفـعـة مـسـتـعـجـلـة منا لتجنيبها ذلك الألم ستتسبب لها بالشلل الكامل الذي سيقعدها عن التحليق والطيران..
فبدأت أعي أن صوت الألم هو صوت واحد أمام أصوات عدة منها الإرادة والرغبة والإصرار وحـب الـحــيـاة.. الشـعـور بالألم لـيـس بـالأمـر الـسيء؛ بـل هــو شـعور جليل يجـعلنا نـولـد مـن جديد في كل مرة يمر بنا.
من هنا توقفت عن الحماية وانتقلت إلى التعاطف الذي يقود بك إلى بــر الأمـان. إن تـعلـم مفهوم التعاطف، الذي يختلف كليا عن مفهوم الشفقة، كان رحلة صعبة بالنسبة لي؛ لأن الأول جــعـلـنـي أمــارس دور الــراعـي الـذي كان مـسـؤولا ومـضـطـرا لـلتـدخــل لـتـــقـديــم الحـل السريع للنجاة.. بينما التعاطف كان أرقى؛ فهو الذي اقنعني أنني لست مخولة بتقديم ما هو جاهز لعملائي وإنما مخولة بتفهم ما هم فيه والاعتراف بثقله والاستماع لكل الأصوات الـتـي بــداخــلهم، وهذا كل ما يحتاجون ليصلوا بأنفسهم إلى ما يريدون هم ولـيـس ما أريـده أنا.
كل عميل جدير بالثقة والإيمان بقدرته والنظر إليه باحترام، والصبر والتفهم ليخرج ما كان يخبؤه بداخله منذ زمن طويل.“
د. نسرين يعقوب
